الخميس، مارس ١٥، ٢٠٠٧

إنها حياااة



هذه هي الحياة .. باقة من المتناقضات تسري في الضلوع .. ألوان متنافرة تنحت ألواح اليوم بكل الأشكال .. لتؤكد إنها الحياة ..

في الصباح .. حيث العمل و الأوراق و الفاكسات و التليفونات و الموبايلات .. معاملات سطحية .. ابتسامات زائفة .. مجاملات بكل النكهات .. جدار خلف جدار .. و جلد فوق جلد .. مجرد أشباه .. و مجرد كلمات .. و مجرد أعمال .. بلا هوية .. و بلا معنى .. وبلا حقيقة
..

و هي .. تعمل و تتكلم و تجامل و تخدع بابتسامات مجمدة أسوار غموض بينها و بين أناس لا تعرف عنهم سوى حضورهم الواهي أمامها
..

كل الصباح و قبل أن تغلق باب بيتها تاركة أمها في رعاية رب العباد .. تغلق على طفلتها كل الملامح لتجعلها تطل بين الحين و الحين من نوافذ عينيها .. و تطلب منها و هي تستقل مصعد الهبوط لأبواب و شوارع المدينة الصاخبة أن تلتزم الصمت أثناء تأديتها عملها .. و بطبيعة الحال طفلتها لا تلتزم
..

و عند المساء .. و في نهاية يوم مليء بكل أشكال الخلاف .. و بكل الأمور الغير منطقية .. و كأنه أصبح من الطبيعي أن تكون عدم المنطقية هو الأمر الوحيد المنطقي في الأمر .. و بعد أكثر من ثماني أو تسع أو ربما أكثر من الساعات حبست على نفسها كل منافذ الهواء الطبيعي ليكون بديلهم أعمال و أوامر توريد و موردين و أرصدة و تليفونات .. وبعد أن شعرت أنها أتمت واجبها و التزامها نحو عملها .. تطلق العنان لطفلتها لتسرح و تمرح في أرجاء ملامحها و عيونها و كلماتها .. تنتظر العودة لأحضان بيتها العتيق في هذه البقعة من ذاك الشارع المليء بكل مباهج الحياة .. و أمها حبيبة قلبها الدافئ و قرة عينيها و ملاذها في الدنيا و منجاها في الآخرة .. ما أحلى دفء هذا البيت .. ما أجمل همسات أخيها و لمساته الحانية و كلماته الرنانة بكل مرادفات الاشتياق من الغياب ليوم طوويل و ممتد ولا ينتهي .. و بعد أن تشعر أنها أتمت واجبها لأمها الحبيبة و أخيها الغالي
..

تذهب لتمتد في صومعتها في ركنها البعيد الهادئ حيث وسادة وثيرة و غطاء وثير تختبئ بينهما هي و طفلتها و أحلامها و آمالها .. تضع كعادتها يديها تحت خدها لتجعل دفء يديها يمتد ويسكن رجفة ملامحها الباردة .. و كأنها يديه .. و كأنها أنفاسه .. تضم أكثر فأكثر أرجاءها .. جنين يتغذى من احلامه متمنياً أن تكون الحياة غداً أفضل .. مستمداً من حب قلبه الدفء .. و من إيمانه بالله راحة جفنيه .. آخر ما تهمسه ..
يارب أحييني مادمت الحياة خيراً لي .. وتوفني إذا كان الموت خيراً لي ..

6 Comments:

Blogger أحمد said...

الصورة كأنها معمولة مخصوص عشان تتحط فى البوست ده , تحياتى لأختيارك يا ملكة الأحساس

عايز أقولك أنها رحلة

البوست رحلة للقارىء من اول كلمة لأخر كلمة

٢:٠٨ ص  
Blogger hesterua said...

الله الله الله
روعة يا روزا بجد

مساء الخلط بين الواقع الخارجى وصخبه والواقع الداخلى وجوانياته

حقيقى اجمل حاجة قريتهالك

بجد صادقة جدا وعادية ومختلفة

حلو حلو

٢:٤١ م  
Blogger زحل الفلكي said...

هو بصراحة وصف ظريف للي بيحصل في يومك

بس انا برضه حسيت في كل ده بخنقة
خنقة موجوده بين السطور

خارجه من كل كلمة

نحاول نخلي الشغل بكل مشاكله جزء من حياتنا يا روزا
نحبه
ونلعب فيه برضه
بروح الطفل

ونستمتع
ونشيل الخنقة
واللا ايه ؟

ربنا يعينك

٤:٣٨ م  
Blogger مجهول said...

مش قادر اتكلم
قريت البوست بتاعك تلات مرات
بجد روعه روعه روعه
كلامك رحله في قلب انسانه في قلوبنا كلنا
حينما تثقلنا الهموم
يحطمنا الزيف
نجري ونهرع للصومعه
نتكلم اليه فقط يارب
لا نتكلم الا بقولنا يارب
حواديتك دوما تزكرني دوما انني .... انسان
تحياتي يا من دوما تسعديني بكلامك

وتعالي عندي اتهمي وازعلي شويه من كلامي
وعايز اشوف رأيك عن المدونه بتاعت انظر هناك وتحدث
ربما نفسي فكرتك بس فيه فرق برضه بين من كتب ادبا و من كتب كلاما

٥:٠٣ م  
Blogger فوكيره said...

انا كنت كتبت تعليق هنا بس معرفش راح فين

كنت كتبت

الصوره وجعتنى اوي يا نون

١٢:٤٣ م  
Anonymous غير معرف said...

لما بقفشني وانا بفكر بنفس الطريقة دايماً بكون مكتئب

الواحد لما بيعيش حالة سعادة خواطره بتنسى قيم ومعاني مبيفتكرهاش الا وقت الابتلاء او الإكتئاب والقرف

٢:٣٧ م  

إرسال تعليق

<< Home